Thursday, February 15, 2007

التصور المستقبلي للفلسطينيين في اسرائيل


download pdf >>














download pdf >>


Sunday, December 31, 2006

حزب الله والدولة اللبنانية


حزب الله والدولة اللبنانية : الموائمة بين الاستراتيجيا الوطنية والدور الإقليمي


علي فياض
آب (أغسطس) 2006


بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان/ ابريل 2006، شعر حزب الله بأنه مضطر إلى المشاركة في الحكومة لتأمين توازن بين القوى اللبنانية المختلفة وحماية موقع لبنان الدقيق في المعادلة الإقليمية. تؤكد هذه الورقة، التي كتبها رئيس مركز البحث والتفكير الرئيسي لدى حزب الله، إن الحزب مصر على التمسك بالنظام السياسي اللبناني الذي تستند ديمقراطيته إلى قاعدة التوافق، وانه يؤيد دولة قوية ومركزية. ويشكل هذا الموقف تطورا في إدراك هذه الحركة لمتطلبات التوازن المحلي اللبناني، كما لتقديراتها حول أهمية الاستقرار الداخلي في خدمة مشروعها الوطني ومن اجل نجاحها في مهمتها العربية والإسلامية. ا

وبينما كان الحوار الوطني بين مختلف الفصائل اللبنانية، الذي انطلق في ربيع 2006، يحرز تقدما في مسائل تقاسم السلطة، برزت خلافات في وجهات النظر تتعلق بالسياسة الخارجية، وفي المقدمة منها ما يخص الاستراتيجية حيال إسرائيل والتحالفات الإقليمية التي شكلت خطوط انقسام. وعشية الحرب الإسرائيلية على لبنان، كان حزب الله يحاجج بأن نقاش مسألة سلاحه يجب أن يكون جزءا من نقاش أوسع حول الاستراتيجية الوطنية الدفاعية، التي توفر ضمانات متبادلة بين مختلف المجموعات اللبنانية وتصالح الوظيفة الدفاعية للمقاومة مع خطة الدولة لاستعادة السيادة، بعيدا عن التأثيرات الخارجية. ووفق نظرية "التوازنات المتصلة" التي يلتزم بها السيد حسن نصر الله، فإن مساهمة حزب الله في المعادلة الإقليمية هي محصلة آلية لإنجازاته في المجال الوطني المحلي. وهكذا تصبح المصالح الوطنية المعيار الرئيس الذي يحكم سلوك الحركة، ويصبح التناقض بين دوريها الوطني والإقليمي نافلا. بعد الحرب مع إسرائيل، اتسعت شعبية حزب الله الإقليمية كثيرا وبما يفوق كل التوقعات، ولكن الحزب يشدد مجددا على تمسكه ببرنامجه الوطني اللبناني
. ا


شكَّل دخول حزب الله إلى الحكومة اللبنانية، بعيد الانسحاب العسكري السوري من لبنان تطوراً نوعياً في مساره السياسي. فالحزب كان قد استنكف مراراً عن المشاركة في التشكيل الوزاري، رغم توفر الفرصة له، إذ كانت نظرته إلى الحكومة مشوبة بشيء من التحفظ رغم تأثيره الواضح بالسلطة وبالتوازنات السياسية اللبنانية. ا

فمنذ أيار/ مايو في العام 2000، تاريخ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني تحت ضغط أعمال المقاومة، ما كان ممكناً تشكيل أية حكومة لبنانية لا تأخذ في الاعتبار تأثير الحزب على تشكيلتها وتوجهاتها السياسية، سيما ما يتعلق بالسياسة الخارجية اللبنانية والخيارات الإستراتيجية التي تتصل بالصراع مع إسرائيل. ذلك أن المقاومة امتلكت ثقلاً معنوياً راح يعبر عن حضوره على صورة سلطة رديفة تؤدي وظيفة معيارية. على هذا الأساس، لا يمكن أن نعتبر مشاركة حزب الله في الحكومة تحولاً أو تغيراً، بقدر ما يمكن اعتبارها تطوراً، فالتأثير في تركيبة وتوجهات السلطة في لبنان لم يكن متلازماً في حالة حزب الله مع الدخول إلى الحكومة. وهذه حالة مفارقة، قد يجدر البحث عن خصائصها وعوامل تفسيرها. ا

على أية حال، تطرح علاقة حزب الله بالسلطة، رغم خصوصيتها، إشكالية العلاقة بين الحركات الإسلامية والسلطة غير الدينية، وتظهر إلى مدى بعيد، الشروط الضرورية لتطور الحركة الإسلامية في علاقتها بالبيئتين السياسية والاجتماعية. ا

إن حالة حزب الله قبل اشتراكه في الحكومة يمكن أن نعبر عنها بأنها سلطة من غير سلطة. وكانت هذه السلطة قادرة على أن تؤدي دوراً حاسماً في مجالها الذي يتصل بالصراع والخيارات الإستراتيجية. أما في المجالات الأخرى التي تتصل بالإدارة والمؤسسات والوظائف المدنية للسلطة، فقد كان حزب الله خارج أية فاعلية تذكر. ا

فعلى مدى عقدين من المقاومة، قارب حزب الله السلطة بطهرانية نضالية، لم تكن تحول فقط دون أن تكون السلطة هدفاً له، بل كان ينظر لها على أساس أن الدخول إلى رحابها يتناقض مع منطق المقاومة ومقتضياتها. إن ما فرض على حزب الله الإقدام على خطوة الدخول إلى السلطة، هي التحولات الدراماتيكية التي عصفت بالتوازنات السياسية اللبنانية من جراء الانسحاب العسكري السوري. لقد أدى ذلك إلى فراغ استراتيجي في إدارة الدولة والى تبدل في أحجام القوى وانكشاف في سياسات الدولة وخياراتها الكبرى وتهديد لموقعها في المعادلة الإقليمية. في مقابل الانحسار الإقليمي داخل التوازنات الداخلية اللبنانية، كان على القوى والاتجاهات المختلفة أن تمتد تلقائياً بناء على أحجامها الفعلية، وأن تعيد تموضعها في اصطفاف سياسي مستجد. ا

وفي ضوء ذلك، ومن وجهة نظر حزب الله، لم يعد ممكناً حماية مشروع المقاومة وتصويب بناء الدولة من خارج بنية السلطة. لقد شكَّل هذان الهدفان مسوِّغان قاهران لخطوة الدخول إلى الحكومة. كما لم يعد ممكناً كذلك لحكومة أن تمتلك مصداقية التمثيل الشعبي الواسع، مع بقاء حزب الله خارجها. إن ذلك سيفضي في حال حصوله، إلى توزيع تمثيل الثقل الشعبي خارج السلطة وداخلها، مع أرجحية للخارج، مما يعني اضطراباً وعدم استقرار في تركيبة السلطة وأدائها. * * * في اللحظة الراهنة تقبع البلاد في مأزق حاد، على خلفية انقسام سياسي عميق بين اللبنانيين. فعلى الرغم من أن الحكومة الراهنة تضم معظم الاتجاهات والقوى الأساسية في البلاد، يستثنى منها التيار الوطني الحرّ بزعامة الجنرال ميشال عون، وزعامات وأحزاب أخرى موالية أو حليفة لسوريا. إلا أنها خضعت بدورها لعواقب الانقسام المشار إليه، فتعطلت حيناً وقوطعت حيناً آخر، وعصفت بها المشادات الحادة، وجرى تشكيل إطار للحوار الوطني بمحاذاتها لمعالجة الملفات الكبرى التي ينقسم اللبنانيون حولها، على النحو الذي بدا وكأنه فعلياً أعلى سلطة في البلاد. ا


إن الانقسام السياسي الراهن بين اللبنانيين يتوزع وفق منطقين: ا

منطق تكتل 14 آذار/مارس الذي بات يعرف لاحقاً باسم تكتل 14 شباط /فبراير بعد خروج ميشال عون منه. ويرفع هذا التكتل شعارات تحميل سوريا مسؤولية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وينادي بالسيادة والحرية والاستقلال، ويستند في مواقفه إلى القرارات الدولية التي صدرت حول لبنان، وعلى رأسها القرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. كما ينادي هذا التكتل بإقالة أو تغيير رئيس الجمهورية اللبنانية العماد أميل لحود وترسيم الحدود مع سوريا، بما فيها مزارع شبعا المحتلة، ويدعو إلى نزع سلاح المقاومة (حزب الله) ونزع سلاح المنظمات الفلسطينية. ا

في المقابل، يطرح تكتل 8 آذار/مارس شعارات مختلفة، ويصيغ موقعه السياسي وفقاً لحسابات أكثر انجذاباً للدمج بين البعدين الوطني والقومي. فبالإضافة إلى مطالبته بضرورة بناء دولة مؤسسات تقوم على التوازن والمشاركة، فإنه يعطي أولوية للحفاظ على موقع لبنان في معادلة الصراع مع إسرائيل، ويترجم ذلك بالتمسك بسلاح المقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من ارض لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، ومواجهة الأطماع والتهديدات الإسرائيلية. ويرى أن البت بمصير سلاح المقاومة يتقرر على ضوء اتفاق اللبنانيين على إستراتيجية دفاع وطني توفر الحماية للبنان. كما لا يرى ما يستوجب تغيير رئيس الجمهورية ما لم يتم التوافق على المشروع السياسي للبلاد وعلى اسم الرئيس البديل القادر على تنفيذ هذا المشروع. أما بشأن السلاح الفلسطيني، فيرى ضرورة معالجته في إطار المصالح الوطنية اللبنانية ومقتضيات الصراع مع إسرائيل، مما يستوجب الحوار الهادئ مع الفلسطينيين ومنحهم كامل حقوقهم المدنية التي تسمح لهم بالعيش الكريم. ا

ويشدد هذا التكتل على العلاقات المميزة مع سوريا، ولا يمانع من ترسيم الحدود معها، باستثناء مزارع شبعا بسبب خضوعها للاحتلال الإسرائيلي، كما لا يمانع بتبادل السفارات بعد بناء إجراءات الثقة المتبادلة التي تعيد العلاقات بين البلدين إلى مجاريها الطبيعية. ا

إن الانقسام في الرؤى والمواقف بين التكتلين يمتد كذلك ليشمل التحالفات الإقليمية والدولية، ففي حين يمتاز تكتل 14 شباط / فبراير بعلاقات طيبة مع المحور الأميركي- الغربي، يذهب تكتل 8 آذار/مارس في اتجاه مناقض، إذ يركز على أولوية العلاقات مع المحور السوري- الإيراني، ويتمسك بضرورة أن يؤدي العرب دوراً أساسياًً في معالجة الأزمة القائمة. ا

يظهر جلياً، بالنظر إلى طبيعة القضايا المختلف عليها، أن الانقسام الأساسي بين اللبنانيين الذي يشكل جوهر الأزمة السياسية الراهنة، يتركز على سياسة لبنان الخارجية وخياراته الكبرى تجاه الصراع مع إسرائيل وموقعه وتحالفاته داخل البيئة الإقليمية. ومن الطبيعي أن يمتد هذا الانقسام باتجاه التوازنات الداخلية وموقع كل طرف فيها، لينتج كذلك تفاوتاً في الخطاب السياسي تجاه القضايا الداخلية، وإن تكن أقل حدة مما هي عليه فيما يتعلق بالقضايا الخارجية. ا

في صلب تناقضات خريطة المواقف والتحالفات هذه، يشكـل حزب الله محـور "تكتـل 8 آذار"، ويتم التعاطي معه من قبل القوى المحلية والدولية بوصفه مركز الثقل في إدارة هذا التكتل. ا

إن تحليل سلوك حزب الله السياسي ومواقفه وإطروحاته في التعاطي مع أزمة الانقسام اللبناني الراهنة، وتحليل علاقاته ونظرته إلى السلطة ودوره فيها تمتلك أهمية منهجية خاصة، نظراً لما يعكسه من تجربة لحركة إسلامية تمارس العمل السياسي في بيئة تعددية والنضال المسلح ضد الاحتلال. ا

علينا في سبيل هذا التحليل أن نلتقط عدة محطات رئيسية برزت في مواقف وسلوك الحزب إبان الأزمة الراهنة الممتدة منذ أكثر من عام. ولنبدأ من السياسة الانتخابية التي اعتمدها حزب الله في الانتخابات النيابية التي جرت بعد الانسحاب السوري مباشرة، حينما اخترق بتفاهماته الانتخابية الاصطفاف السياسي الذي كان قائما" وفقا" لمجموعة متداخلة ومعقدة من القضايا يأتي في طليعتها الموقف من سوريا واتهامها بمقتل الرئيس الحريري والمحكمة الدولية والموقف من القرار الدولي 1559. ا

لقد سمي التفاهم الانتخابي وقتذاك بالتفاهم الرباعي، وقد ضم حزب الله وحركة أمل من ناحية وتيار المستقبل بزعامة سعد الدين الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط. لقد كانت تلك الخطوة خارجة عن المألوف، وتبدو محطة مفارقة في سياق الاصطفافات الجديدة التي أنتجها الانسحاب السوري، وقد مهّد هذا التفاهم لتشكيل الحكومة الحالية بتوازناتها الراهنة. إن التسوية التي مثلت أرضية التفاهم الانتخابي وتشكيل الحكومة قامت على صون الوحدة الوطنية وإعادة بناء الدولة وحماية المقاومة واحتواء مفاعيل القرارات الدولية من خلال تحويل موضوعاتها الإشكالية إلى قضايا يختص الحوار الوطني الداخلي بالنظر بشأنها ومعالجتها. ا

لقد تمكنت هذه التسوية من الصمود وتغطية تعقيدات العلاقات السياسية الداخلية وتناقضاتها العميقة لفترة قاربت الأشهر السبعة قبل أن تتعرض لإهتزازات حادة عبرت عن نفسها على صورة تراشق إعلامي عنيف وتظهير للخلافات في المواقف السياسية تجاه القضايا المطروحة، وعلى رأسها موضوعات سلاح المقاومة والعلاقات اللبنانية- السورية ومصير رئاسة الجمهورية. إن ذلك أدى إلى اضطراب في أداء الحكومة واستقرارها لكنه لم يفضِ إلى انهيارها، كما أثمر ولادة إطار الحوار الوطني الذي اشرنا إليه سابقاً. ا

إن السلوك المتميز لحزب الله تجاه أخصامه السياسيين على خلفية التمسك بالحوار وبناء التفاهمات السياسية وفق تسويات واقعية تلحظ التوازنات السياسية وحاجة البلاد إلى الاستقرار، تكررت في محطة لاحقة مع خصم سابق، وفي تجربة لا تقل دلالة وأهمية عن تجربة التفاهم الرباعي بل قد تفوقها أهمية. وهي تجربة إنجاز ورقة التفاهم السياسي بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه الجنرال عون. لقد شكلت وثيقة التفاهم تطوراً نوعياً في طبيعة التحالفات السياسية القائمة، ذلك أن الطرفين ربما يمثلان الاتجاهين الأوسع شعبية، وينتمي إحداهما إلى الطائفة الإسلامية والآخر إلى الطائفة المسيحية، كما أنهما يرتكزان على خلفيات سياسية مختلفة، وتاريخ سياسي أكثر اختلافاً، ومع ذلك تمكنا من صياغة تفاهم سياسي مشترك تأسس على تنازلات متبادلة، وبناء مقاربات سياسية توفيقية لقضايا سياسية شائكة. وعلى الرغم من تضمن الوثيقة لمواقف شاملة تجاه كل القضايا المطروحة، إلا أن ابرز مرتكزاتها يتصل بتحول في موقف التيار الوطني تجاه المقاومة على قاعدة الموافقة على حفظ سلاحها لاستكمال التحرير وإطلاق الأسرى اللبنانيين والبحث مستقبلاً في إستراتيجية دفاعية وطنية. وفي المقابل وافق حزب الله على تبادل السفارات مع سوريا وترسيم الحدود، بعد بناء إجراءات الثقة معها. ا

لقد أوجدت وثيقة التفاهم مناخاً سياسياً واجتماعياً أعاد خلط الأوراق الداخلية ودفع الانقسام السياسي إلى وجهة أفقية تتجاوز الانقسامات التقليدية اللبنانية. فعلى الرغم من وحدة الموقف السياسي الشيعي، إلا أنه في المقابل جرى تظهير انقسام حاد داخل الطائفة المارونية، كما اظهر تعذراً شديداً في العودة إلى تمفصل الانقسام السياسي اللبناني على قاعدة الانقسام الإسلامي- المسيحي، وهو اخطر الانقسامات وأكثرها تهديداً للاستقرار وللسلم الأهلي. ا

بالإضافة إلى ما سبق، فإن وثيقة التفاهم التي قاربناها بوصفها محطة ثانية في فهم سلوك حزب الله السياسي في المرحلة الراهنة، انطوت على ما يمكن أن نعتبره بعدا جوهريا بدوره، في فهم الفكر السياسي اللبناني لحزب الله، إن صح التعبير، ونقصد بذلك، التأكيد على الطبيعة التوافقية للنظام السياسي اللبناني. ا

وفي واقع الحال، شكَّل هذا الموقف إحدى المقولات الأساسية التي راح حزب الله يكررها دون ملل في مواجهة ما اعتبره استئثاراً من قبل فريق الأكثرية في إبان الأزمة التي عصفت بالحكومة، بعد لجوئها لاتخاذ قرارات أساسية وفقاً لقاعدة الأكثرية والأقلية. ا

إن الإلحاح والتكرار اللذين وسما خطاب حزب الله في التأكيد على كون النظام السياسي اللبناني هو نظام ديمقراطي توافقي بالاستناد إلى قاعدة العيش المشترك التي نصَّت عليها مقدمة الدستور اللبناني، لا يمكن فهمه فقط على ضوء ضرورات السجال السياسي الداخلي في لحظة انقسام سياسي عاصف، كما لا يصح إدراج هذا الخطاب في سياق لحظوي قابل للتجاوز بسهولة في مرحلة لاحقة. لقد كان ذلك التأكيد على التوافقية تعبيراً عن تحول عميق، أخذ في التراكم منذ زمن ليس قريب، في إدراك حزب الله لمقتضيات الاجتماع السياسي الوطني ولكيفية التعاطي معه، وفهمه للأهمية القصوى التي يمثلها الاستقرار الداخلي كقاعدة لكل مشروع وطني بأبعاده الإسلامية والقومية. ا

في مقاربة حزب الله للتوافقية في النظام السياسي، ما يتجاوز المنطق الثوري التقليدي في العمل السياسي الذي يرى في الصراع طريقاً إلى التقدم، لصالح فكرة التكامل طريقاً للتطور، علماً أن الواقعية تقتضي النظر إلى السياسة بوصفها عملية صراع وتكامل في آن. إلا أن الفارق هنا يكمن في أن الغلبة في موازين قوى غير مستقرة، ستكون عاجزة على المدى البعيد عن حماية المصالح. من هنا يميل حزب الله إلى توظيف قوته وقدراته بوصفه عنصر توازن في التركيبة اللبنانية وليس عنصر غلبة. ا

إن ما سبق يظهر إلى مدى بعيد، تلك الأهمية المنهجية الخاصة الكامنة وراء تحليل سلوك حزب الله السياسي ومواقفه واطروحاته في التعاطي مع أزمة الانقسام اللبناني الراهنة. وكذلك تحليل علاقاته ونظرته إلى السلطة ودوره فيها، لما يمثِّل من تجربة لحركة إسلامية تمارس في الآن نفسه العمل السياسي في بيئة تعددية من جهة، والنضال المسلح ضد الاحتلال من جهة أخرى، وتؤدي كلا الدورين من موقع محوري وفاعل في الواقعين المحلي والإقليمي. ا


ما وراء المواقف: الرؤى والأفكار


في الواقع، يستند تعاطي حزب الله مع الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان، وإقدامه على الاشتراك بالحكومة، لأول مرة في تاريخه السياسي، إلى بنية فكرية سياسية، أخذت في التشكل منذ أمد بعيد، وتطورت على صورة نسق متراكم ولد تباعاً ووفقاً لتفاعلية معقدة بين البنية الفكرية الأصلية وتحولات الواقع بتعقيداته وتحدياته المتتالية. ا

أن حزب الله يواجه راهناً مجموعة من الإشكاليات أو التحديات وكذلك الاختلافات العميقة التي راحت في اتجاه المزيد من التمظهر مع تنامي الانقسام اللبناني. ورغم أن حزب الله يرى إلى تجربته بانها تتجاوز تلك الإشكاليات وتقدم حلولاً لها، فإن المبالغة في الطابع الإشكالي للتحديات المطروحة إنما تغذيه الحساسيات السياسية والخلفيات التحالفية القائمة، وأن الاحتدام اللبناني يقدم تلك الإشكاليات بوصفها إشكاليات جوهرية بعضها حاضر في صميم السجال السياسي، وبعضها الآخر كامن في المشهد الخلفي الذي يتصل بالقضايا النظرية والفكرية والسياسية، مثل إشكالية الدولة- المقاومة لناحية العلاقة بينهما والمواءمة بين وجوديهما، ومعالجة ما تواجه به المقاومة من تناقض مفترض مع طبيعة الدولة ووظائفها ومنطقها. ا

والإشكالية الأخرى تختص على نحو أساس بالأحزاب الدينية لناحية التوفيق بين الهوية الموضعية (الوطنية ) وهي هنا تتمثل بالهوية اللبنانية من ناحية، والانتماء الكلي المتمثل بالانتماء الإسلامي- القومي، وما يفرضه من التزامات تجاه الأمة والقضايا ذات الفضاء الأوسع والتي تأتي في طليعتها القضية الفلسطينية وكل القضايا الأخرى التي تتصل بالصراع مع إسرائيل ومواجهة التحديات الأميركية في العالم العربي والإسلامي. ا

ولا يخفى أن ثمة سيولة في ترابط العديد من الإشكاليات ببعضها البعض، بحيث لا تنحصر فقط بالإشكاليتين السالفتين، إنما تتعداهما إلى إشكاليات أخرى، من قبيل الحاجة إلى إجابات نظرية وافية تفسر العلاقة القائمة بين حزب ذي إيديولوجية دينية، وبيئة سياسية واجتماعية ذات طابع تعددي. وإذا كان حزب الله قد تجاوز هذه الإشكالية عملياً من خلا ل إدراجها في سياق ايجابي، فإن ذلك لا يلغي الحاجة إلى تفسيرها نظرياً في المستوى الذي يتصل بالفكر السياسي. ا

إن التقاط المفاهيم والمواقف التي يُقارب بها حزب الله الواقع اللبناني بتعقيداته المختلفة بما فيها الأزمة الراهنة، وإعادة تقعيدها في بناء نظري منسجم ومتماسك، سيفضي بنا إلى ادارك السمة التأسيسية لمنظومة من مرتكزات التفكير السياسي إذا ما جرى مقارنتها بما هو سائد لدى الحركات الإسلامية المعاصرة في علاقتها مع التحديات الداخلية والخارجية. وقد يصح لنا أن نسمي هذه المنظومة بأنها إنتاج لعقلانية سياسية عربية جديدة. ونقصد بهذه العقلانية السياسية نسقاً من قواعد التفكير ومزيجاً من منهجية وأهداف في آن، تشكل جميعها إطاراًَ ومنطلقات لإنتاج الأفكار والبرامج، وتشغل هذه العقلانية السياسية موقعاً وسطاً بين "البرامج السياسية" و"العقل السياسي". إذ أن سمة البرامج السيولة والتحول والراهنية، فيما أن العقل السياسي هو أكثر ثباتاً وديمومة، فهو يمتد على مدى تاريخي ابعد، وغالباً ما يتشكل وفق عمليات معقدة تغطي أحقاباً عديدة تضرب جذورها في التاريخ وتواصل نموها في الحاضر، وتتغذى على نحو أساس بمرتكزات التراث الأساسية. ولهذا فإن القطيعة أو التحول في "العقل السياسي"، كما دعا عدد من المفكرين العرب، هي مسألة لا شك شائكة ومعقدة وتستلزم شروطاً قد لا تتوفر بالسهولة التي يفترضها هؤلاء. في حين أن "العقلانية السياسية" هي إطار مرجعي للتفكير يمكن أن يكون بالمتناول وفقاً لخيارات إستراتيجية صرف ويترجم على صورة أفكار وقناعات ومواقف. ا


أية عقلانية سياسية جديدة؟


يقوم ذلك على ركيزتين أساسيتين وهما العمل على توفير الاستقرار الداخلي وتأمين الفاعلية المجتمعية. ا

الاستقرار هو شرط أساسي لمجتمع سليم وقادر. فالصراعات الداخلية غالباً ما تعيق إمكانات النمو والتطور، عندما تتجاوز فضاء السلم الأهلي والضوابط والقيود التي تعبر عن نفسها بمؤسسات وقوانين. الاستقرار، أيضاً، شرط ضروري في قدرة المجتمع على مواجهة تحدياته الخارجية. ولهذا فالاستقرار ضروري في التطور الداخلي وضروري في مجابهة التحديات الخارجية. ا

إن النضال السلمي الديمقراطي هو الإطار الطبيعي لتنظيم الخلافات والانقسامات بين السلطة والمعارضة وبين المجموعات السياسية أو الطائفية المختلفة. ا

أما الفعالية المجتمعية فتقوم على ضرورة توفير الشروط التي تجعل من المجتمع فاعلاً في البناءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويستلزم ذلك من جملة ما يستلزم توافقاً بين السلطة والمجتمع، لأن المجتمع في الأحوال كافة، يجب أن لا يكون مقهوراً، بل قادراً على ممارسة فاعليته. فالمجتمع المقهور إما أن ينسحب من الشأن العام ليخلي الأمر للسلطة في حالة عدم اكتراث وإما أن يندفع باتجاه الانفجار.. ا

تطرح هذه المسألة ضرورة التمييز بين الإشكاليات التي يثيرها تطبيق الفاعلية الاجتماعية في لبنان وهو يتمتع بديمقراطيته الخاصة، وبين الإشكاليات التي تطرح في الساحات العربية والأخرى وهي بصورة عامة ساحات غير ديمقراطية. ا

في الساحة اللبنانية تذوي إشكالية الديمقراطية إلى حدودها الدنيا، على نحو مغاير لما يطرح في الساحات العربية الأخرى. ففي لبنان تلتهم الطائفية فوائد الديمقراطية. هذه إشكالية شديدة الأهمية، لكنها تخرج بدورها عن سياق معالجتنا. فالبحث في الفاعلية المجتمعية في لبنان راهناً يثير إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع بوصفها كذلك قاعدة البحث في إشكالية العلاقة بين الدولة والمقاومة. ا

ولا شك أن دخول حزب الله في السلطة واشتراكه في إدارة الدولة ينطوي على إعادة اعتبار لموقع الدولة في فكره السياسي، إذ لم يعد ممكناً في تصوره توفير الاستقرار وحماية المجتمع في ظل دولة رخوة ومؤسسات منهكة وخيارات سياسية مضطربة. ا

إن دخول حزب الله إلى السلطة هو في جوهره تكريس للتصالح مع الدولة، لكنه لا يستلزم بالضرورة تصالحاً مع السلطة. الخطوة تنطوي على دلالات تتصل بصون الدولة وإعادة بنائها بوصفها دولة جميع اللبنانيين، وبهذا المعنى فهي يجب أن تكون إنعكاساً مطابقاً لقناعات اللبنانيين ومجالاً مفتوحاً على التطور تبعاً لقناعاتهم ومطامحهم. ا

إن حزب الله في مقاربته لفكرة الدولة يبدو أكثر ميلاً إلى تعريفها بوصفها تجسيداً لإرادة عامة، وهذا التعريف يتجاوز المظاهر الهيكلية للدولة، على أهميتها الطبيعية، لناحية الالتفات إلى أهمية المجتمع نفسه في بناء الدولة. فالدولة أكثر من جهاز بيروقراطي، إنها وظائف. وعلى المجتمع مساعدة الدولة في القيام بوظائفها... والدولة في الآن نفسه هي ارض وشعب ومؤسسات. فالمجتمع جزء من الدولة وعليه مؤازرتها إلى حين قدرتها على الاستقلال بوظائفها. ليس خافياً أن هذه المقاربة اجتماعية الطابع، وهي تختلف عن نزعة التعالي بالدولة وتجريدها وعزلها. فهي في صورتها الصحيحة ليست إلا تتويجاً لتطور المجتمع نفسه، لذا لا يصح التركيز على حماية الدولة في مقابل إنكشاف المجتمع، بل ينبغي إدراجهما في معادلة واحدة ومتصلة. ا

من شأن هذه المعالجة أن تساعد على نقل السجال العائد الى الانقسام اللبناني حول إشكالية الدولة- المقاومة، إلى حيث يجب أن يكون أصلاً، وهو المكان الذي يتصل فيه النقاش النظري بالنقاش السياسي. ا

لقد فعل حسناً اللبنانيون عندما تنادوا للحوار إطاراً لمعالجة انقساماتهم. هذا ما تمليه التوافقية بوصفها جوهر النظام السياسي اللبناني. وهذا ما ينبغي أن يدفع وهم إمكانية بناء استقرار أو فاعلية مجتمعية على قاعدة التغالب. فإذا كان بعض اللبنانيين يتمسك بسلاح المقاومة وبعضهم الآخر يتحفظ على هذا السلاح وفق دوافع وصيغ واطر زمنية متفاوتة، فإن المراوحة هنا تماثل رفع مستوى مخاطر الانقسام، بينما التوافقية تعني البحث عن تسويات تنقل النقاش من البحث في مصير السلاح إلى البحث في الهواجس والضمانات المتبادلة: أي كيف يصيغ اللبنانيون ضماناتهم المشتركة كي لا تكون إستراتيجية المقاومة نقيضاً لإستراتيجية الدولة؟ وكيف يعالجون هواجسهم لكي تبقى وظائف هذا السلاح لبنانية ودفاعية بحيث لا تهدد التوازنات الداخلية، ولا ترتهن لأية أولويات على حساب الأولويات اللبنانية؟.وكيف يصان فعلياً الأمن القومي اللبناني فلا يعود اللبنانيون للانكشاف الذي ساد لعقود أمام الاستباحة الإسرائيلية؟ وكيف نتوسع في معنى السيادة بحيث يشمل في الآن نفسه التحرير من الاحتلال وعدم الارتهان لمعادلات خارجية أو هيمنة دولية؟. ا

في الواقع، وعلى الرغم من أن الحوار الوطني أو الحوارات الثنائية لم تتطور بعد إلى التركيز على هذه الأسئلة حصراً، إلا أن تداولها قائم بصورة أو أخرى. ا

لقد أشار الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في أكثر من مناسبة، ومنها جلسات الحوار الوطني، إلى أنه لن تكون لسلاح المقاومة وظائف خارج تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة والدفاع عن لبنان في وجه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية. ا

إن حزب الله لا يخفي هواه تجاه القضايا الإسلامية والعربية، كما لا يخفي تحالفاته الإقليمية، وتتضمن أدبياته موقعاً مركزياً للصراع مع إسرائيل التي تشكل القضية الفلسطينية محوره الأساس، ولهذا فإن خطابه السياسي على مدى يزيد عن قرنين من الزمن لم يخلُ من المواقف التي تتصل بالقضية الفلسطينية. لكن ثمة ما تجدر ملاحظته في خطاب حزب الله ومواقفه وسلوكه، في مقاربته للتوفيق بين إيديولوجيته السياسية التي تقوم أساساً على مفهوم الأمة الواحدة الذي يفرض فضاءً مشتركاً من القضايا والمصالح والمصير من ناحية، وبين أجندته اللبنانية بوصفه حركة تحرير وطني لبناني ومكوناً أساسياً من مكونات السلطة السياسية في لبنان من ناحية ثانية، آخذاً في الاعتبار كل ما يحيط بهذا الدور من تعقيدات وخصوصيات لبنانية. ا

وهنا، يمكننا بناء نظريتين في تفسير العلاقة العملية بين الدورين المحلي والإقليمي، أو بالأحرى وعلى نحوٍ أكثر تحديداً، بين الوظيفة اللبنانية للمقاومة ووظائفها الإقليمية. ا
1
نظرية الأدوار المتصلة، وهي التي تنادي بوظيفة إقليمية للمقاومة تستند إلى دور مباشر مؤازر، في أي تطور دراماتيكي يتسبب به عدوان ما تجاه أحد أطراف معادلة الممانعة والمقاومة (حماس مثلاً) ا
2
ينطبق على أي قوة إقليمية أخرى في حال نجاحها في إطارها الوطني)، فإن ذلك يشكل بحد ذاته، ودون الحاجة إلى ادوار مباشرة تتجاوز ما يفترض أنه الدائرة الوطنية، مؤازرة لمعادلة الممانعة والمقاومة برمتها ولأطرافها كافة، نظراً لاتصال التوازنات الإقليمية ببعضها البعض. ا

وبهذا المعنى يزول التضارب المفترض، الذي تحيط به الكثير من الحساسيات والتعقيدات، بين الدورين المحلي والإقليمي للمقاومة. فالإسهام في تعزيز المعادلة الإقليمية من هذه الزاوية ليس إلا نتيجة مترتبة تلقائياً على نجاح المقاومة في دورها الوطني المحلي. أي أن المصالح الوطنية اللبنانية هي المعيار الجوهري لسلوك المقاومة، والإسهام الإقليمي يندرج في إطار النتائج التلقائية وليس الدوافع المسبقة أو المبيَّتة. ا

إن موقف الأمين العام لحزب الله الذي أشرنا إليه، يتضمن بوضوح كامل إلتزاماً بالنظرية الثانية وليست الأولى، أي أن السلوك العملي للمقاومة يندرج في إطار نظرية التوازنات المتصلة وليس في إطار نظرية الأدوار المتصلة. ا


أما وقد وقعت الحرب الإسرائيلية


أما وقد وقعت الحرب الإسرائيلية على لبنان في 12 تموز 2006، فمن السذاجة الافتراض ان الدافع الإسرائيلي للقيام بهذا العدوان هو أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين. ولنقل باختصار ان الهدف الاستراتيجي الذي حدده الأميركيون هو العمل على إقامة شرق أوسط جديد، ويعني ذلك الشروع في تغيير المعادلة السياسية اللبنانية جذريا، ولعله تمهيد لسلسلة خطوات تنتهي باستهداف إيران عسكرياً فيما مسعى تفكيك حزب الله وضربه يتم وفق منهجية الهدم والترويع الأميركية التي اعتمدت في العراق، التي تشبه لعبة الدومينو وتفترض تدحرجاً في التداعيات والنتائج. ومن المعروف ان تلك المنهجية فشلت في العراق فشلاً ذريعاً ، ثم أعيد تكرار ذلك الفشل في لبنان. ا

أما من ناحية حزب الله، فقد كانت المسألة على درجة أعلى من البساطة، إذا أن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين، هدفت على نحو محدد إلى العمل على مبادلة هذين الجنديين بالأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، دون أي ميل إلى التصعيد أو التوسع في دائرة الاشتباك. في نتائج هذه الجولة من مجابهة تبدو تماما أوسع من اللحظة الراهنة، فإن حزب الله ازداد قوة مع تحوله إلى رمز للنهضة والمقاومة والصمود في العالمين العربي والإسلامي. وفي حين ازداد الموقف العربي الرسمي انكشافا وتعمقت بيئة الانقسام بينه وبين الشارع العربي، اخذ مجدداً خيار المقاومة، كبديل عن خيار التسوية أو خيار المراوحة، في امتلاك مصداقية اكبر مستنداً إلى تجربة جلية. ا

يبدو صحيحاً أن ما بعد 12 تموز يختلف جذرياً عما قبله، ويبدو صحيحاً أيضا أن حزب الله على عتبة تحديات جديدة
يفرضها انتصاره على إسرائيل، وهي تبدأ من تعقيدات الساحة اللبنانية التي باتت محكومة بقرار دولي هو القرار 1701 وصولاً إلى الساحة العربية حيث وجد الحزب نفسه في موقع القيادة للشارع العربي على مختلف تنويعاته الفكرية والسياسية. ويحدث ذلك في الوقت الذي لا يزال حزب الله يحرص على أن تبقى حدود دوره هي الساحة اللبنانية في مستوييها التحريري والإصلاحي. ا


علي فياض
مدير مركز الدراسات والتوثيق – لبنان

لبنان: مع المشاركة من باب التوافق وليس من باب الغالبية والأقلية



بيروت الحياة - 02/12/06
اعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان، في خطبة الجمعة، «ان الاعتصام الذي دعت اليه المعارضة، من مختلف الطوائف والمذاهب والاتجاهات السياسية في لبنان، هو للمطالبة بالإنصاف وبالتوافق وبالمشاركة، وعلينا ان نكون منصفين وعقلاء ونعطي لكل ذي حق حقه، وعلى الحكومة أن تتجاوب مع المعارضة وتسمع وتصغي اليها وتتشاور وتتحاور معها».ا

وقال قبلان: «لا عداوة لنا مع أحد، ونقبل بالحلول المنصفة التي تعطي الحق لأهله، ونقول للمعاندين، العناد كفر، وعدم الاستماع الى صوت العقل لا يوصلنا الى نتيجة، واذا ضربت الوحدة الوطنية، كيف نتعامل ونطرح الحلول؟ طالبنا باستمرار بحكومة وحدة وطنية لأنها لا تزعج ولا تضر أحداً، ونحن لا نطلب امتيازاً ولا تخصيصاً، نطالب بأن يكون اللبناني شريك اللبناني الآخر بصدق، وان يكون لبنان نموذجاً للحرية والديموقراطية، ويوحد اللبنانيون صفوفهم ويجمعوا كلمتهم. وأطالب الحكومة بأن تعالج الأمر بكل دقة وموضوعية وشفافية، وبأن تبادر الى حل وسط يرضي المعارضة، فما المانع من حكومة وحدة وطنية وهي حل وسط يرضي المعارضة والموالاة؟».ا».

وتابع قبلان: «جاء النزول الى الشارع بعد ان فشلت الاطروحات، ورفضت المبادرات. وقلنا باستمرار ان آخر الدواء الكي، والكي دواء مؤذ قد يصيب وقد يخطئ، لذا نقول للجميع انصفوا هذا الوطن وأهله ومناطقه، فالوطن ليس ملكاً لأحد بل هو لكل اللبنانيين، علينا أن نسير طبق القانون والدستور، ونطبق الطائف بالفعل لا بالقول فقط. ونؤكد ان هذا النزول ليس تظاهرة بل هو اعتصام، ونقول للفريق الحاكم أصغوا الينا واسمعوا، لا تعطوا آذانكم للغرباء والأجانب الذين يريدون لهذا البلد الدمار والخراب، نحن مع المشاركة بالتوافق ليس من باب الغالبية والأقلية بل من باب التوافق». وسأل: «لماذا التشنج وهذه التصاريح، وهذا التوجه الأناني والعصبي من البعض؟ وقد سألت الرئيس نبيه بري عن واقع الحال، فقال: تعطلت لغة الكلام بيننا، لأن هناك فريقاً يتمترس في زاويته وموقعه، وطالما انه لا يوجد فريق يفكر بتهميش الآخر او الحلول مكانه فلماذا لا نتفق، لقد طالب اتفاق الطائف بالمشاركة ليكون للطائفة مركز، وكانت وزارة المال من حصة الطائفة الشيعية لتتحقق المشاركة في القرارات، ولكننا سكتنا عن حقنا لأننا نطالب بحفظ البلد، ولذلك ليس عيباً أن يضحي الإنسان بخصوصياته لحفظ البلد». وأضاف: «لبنان وطن مميز بتعدد طوائفه وتآخيه، واللبنانيون متفقون، فلماذا يختلف السياسيون، ولماذا لا نتحرك معاً طالما كلنا (موالاة ومعارضة) نرفع العلم اللبناني؟ لقد عقدنا قمة روحية لنضع حداً للشقاق ونتقارب في ما بيننا، فاقترحنا الذهاب الى الرئيسين بري و (فؤاد) السنيورة، ولكن لم يثمر لقاؤنا الا خبراً وصورة في وسائل الاعلام».ا

Saturday, October 22, 2005

الحزب الإسلامي العراقي والمشاركة السياسية باي ثمن كان

يا ترى كيف ينوي الحزب الإسلامي التاثير السياسي والتغيير في الدستور المقترح في ظلّ الشروط القائمة؟ يا ترى كيف ينوي الحزب الحصول، لا فقط على الاغلبيات المطلوبة في الاستفتاءات الشعبية التعديلية، بل حتّى على الاصوات البرلمانية ـ الاغلبية ـ المطلوبة مسبّقاً للنظر في اي اقتراح تعديلي قبل تقديمه للاستفتاء الشعبي، حسب القوانين التي سيتمّ تطبيقها؟
انا اطالب الحزب، مع كل احترامي لحسّه الوطني الصادق، انا اطالبه بالنقد الذاتي والمراجعة الشجاعة. فالبيان ـ انظر اسفله ـ لا يكفي تماماً لتبرير موقف الحزب، بل العكس هو الصحيح حيث انه يثبت خطأ التحليل السياسي. ان نصّ الاضافات ـ قارن اسفله ـ لواضح كل الوضوح وكم اتمنّى ان اكون خاطئاً... ا




بيان رقم ( 99 ) صادر عن الحزب الإسلامي العراقي
بشأن التهديدات والاتهامات الصادرة بحق أعضاءه

المكتب السياسي
17رمضان 1426 هـ
20 / 10 / 2005 م

[…]

2

ان الحزب الاسلامي ( حصرا ) مَن ثقف الجماهير بخطورة الدستور الحالي من خلال طبع البوسترات ونشر المطويات واللافتات والبيانات التي تبين مساوىء الدستور وحشدنا لغرض رفضه كل امكانيات الحزب المتاحة الا ان قبولنا الاخير ليس لما جاء فيه انما لما يترتب من اعطاء الحق للجمعية القادمة في اعادة النظر في بنوده فالقبول لغرض التوصل إلى التصحيح الحق وهذا لا يعني الايمان ببنود الدستور التي بينا عورها لذلك فان الحزب لم يوجه اعضاءه لقول نعم وقد قال منتسبونا لا وخير شاهد ما حصل فعلا في محافظتي صلاح الدين والانبار من رفض الدستور بنسب مطلقة حيث يتمتع الحزب بحضور قوي


3

ان عملية الدستور انما هي عملية سياسية واننا نسعى مع غيرنا من اخواننا السنة ان يصاغ بطريقة لا تحرم شرائح كثيرة من الشعب من حقوقهم او تهمشهم ونحن نجاهد من هذا المنطلق

4

ان الحكم بالردة يتم من خلال علماء مشهود لهمان الحكم بالردة يتم من خلال علماء مشهود لهم بالعلم والفضل وبعد ان تتم مراجعة من نسبت اليه تهمة الردة ومناقشتهم وهكذا كان يفعل سلفنا الصالح في توجيه احكامهم فمن الذي افتى من العلماء بردتنا ؟ ثم ان بابنا مفتوح لنسمع منهم بل لا خير فينا ان لم نقبل النصيحة من أي مسلم مخلص فضلا عن عالم جليل . ليتذكر الاخوة قول الله سبحانه وتعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) (النساء:94) وقول الرسول صلى الله عليه و سلم ( من كفر مسلما فقد كفر) ا
[…]

8

ان موقفنا من الاحتلال ثابت ومعلن وهو رفضه بكل الوسائل المتاحة والممكنة والمقرره شرعا وقانونا وقد صرحنا بذلك علانية ولا زلنا نقف بوجه المحتل وان صحفنا وبياناتنا واذاعاتنا وتصريحاتنا تدل على ذلك وقد نال حزبنا من اعتقالات المحتل ما نال غيرنا كذلك استشهاد المئات منهم في سجون المحتل وعلى ايدي آثمة ولكن لا يعني هذا ان نعتزل السياسه وندعها لطائفة واحدة ونحرم طائفة اخرى من ممارسة الحقوق والامتيازات وان الواقع المرير لاهل السنة اكبر دليل على صحة وجهة نظرنا في ضرورة المشاركة السياسية
[…]




إضافات و تعديلات أخرى على مسودة الدستور
("من موقع "نقاش)

بهدف ارضاء العرب السنة المعترضين على مسودة الدستور و بعد عدة أيام من المفاوضات اتفقت الکتل السياسية الرئيسية المتمثلة في الجمعية الوطنية باجراء تعديلات هامة على مسودة الدستور الدائم، حيث اعلن يوم 12/10/2005 و في مؤتمر صحفي شارك فيه‌ كل من السيد جلال الطالباني و الشيخ عجيل الياور و السيد عبدالعزيز الحكيم و الدكتور أياد علاوي الاتفاق بشأن تعديلات و إضافات على المسودة، حيث قال الرئيس الطالباني بانه و بعد قبول مقترحات و مطالب العرب السنة لم يعد هناك أي مبرر، أو ذريعة في مقاطعتهم للاستفتاء على مسودة الدستورو صادقت الجمعية الوطنية مساء نفس اليوم و قبل ثلاثة أيام من موعد اجراء الاستفتاء على الدستور على تلك التعديلات و الاضافات و اعتبرتها جزءاً من مسودة الدستور التي ستجري الاستفتاء عليها، وهی كالآتي
[…]

1

يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز اربعة اشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور. وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها

2

تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت وتعد مقرة بموافقة الغالبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس

3

تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفق ما ورد فيالبند الثاني من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد عن شهرينمن تاريخ اقرار التعديل

4

يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحا ً بموافقة اغلبيةالمصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات او اكثر

5

يستثنى العمل بالمادة ( 122 ) ( المتعلقة بتعديل الدستور ) من الدستور، ويعاد العمل بموجبها بعد البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة


ولقراءة النص الكامل للمسودة الدستورية حسبما نشر في جريدة الصباح العراقية في 15/09/2005
أي قبل اجراء هذه التعديلات أنقر هنا




انقسام سني إزاء موافقة الحزب الإسلامي على مسودة الدستور
الشبكة الإسلامية
15/10/2005

انقسم الشارع السني في العراق حيال موقف الحزب الإسلامي العراقي الذي أعلن موافقته الخميس على مسودة الدستور، حيث تظاهر المئات منهم احتجاجا على الموافقة، فيما دعا أئمة المساجد الكبرى إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات
وتظاهر مئات المسلمين السنة في شوارع بغداد بعد خروجهم من صلاة الجمعة في مسجد أبو حنيفة النعمان مرددين شعارات تندد بموقف الحزب الإسلامي وبأمينه العام محسن عبد الحميد ووصف المتظاهرون موقف الحزب بأنه محاولة لشق الصف داعين إلى رفض مسودة الدستور وإسقاطه في استفتاء السبت
ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها عبارات تندد بمسودة الدستور ورددوا هتافات أدانو فيها موقف الحزب الإسلامي حيث قالت إحداها "لا للدستور.. لا للاحتلال.. لا لخداع الشعب"
وكان الحزب الإسلامي العراقي أعلن عن موافقته على مسودة الدستور بعد أن استجاب زعماء الكتل السياسية لطلبات تقدم بها الحزب وضمنت في مسودة الدستور وهو ما اعتبرته القوى السياسية والدينية السنية الأخرى خروجا عن الموقف الذي اتخذوه السبت الماضي والداعي إلى العمل على رفض مسودة الدستور العراقي والتصويت ضده
وفي مدينة الرمادي التي تبعد 110 كيلومترات غرب بغداد أعلن أعضاء الحزب الإسلامي -في بيان تم توزيعه على أهالي المدينة الجمعة- انفصالهم عن الحزب بسبب موقفه من مسودة الدستور
وجاءت المظاهرات بعد فترة وجيزة من دعوة خطباء الجمعة في مساجد السنة في العراق إلى لملمة الصف والتوحد وجمع الكلمة ونبذ الخلافات والابتعاد عن التشهير بغض النظر عن الموقف من الاستفتاء




تسعة تعديلات على مسودة الدستور العراقي
قوى سنية ترحب بالاتفاق واخرى لا ترى تغييراً

دار الحياة
13/10/2005

[...]
وقال رئيس «الحزب الاسلامي العراقي» محسن عبد الحميد الذي اعلن حزبه الموافقة على الدستور ان الفقرة المضافة إلى المسودة ستضمن آلية تعديل شاملة على اي بند يحتاج للتعديل. وقال لـ»الحياة» ان اتفاق ترحيل جميع التعديلات الى مجلس النواب المقبل يحظى بدعم غالبية الاطراف السنية وسيؤدي الى اتخاذ موقف ايجابي من الاستفتاء السبت القادم. واضاف: «لن نرفض لمجرد الرفض ولذلك، سنذهب الى مراكز التصويت لقول نعم لمسودة الدستور». وتوقع ان تكون الامور على الارض في مناطق العرب السنة مهيئة للتعاطي الإيجابي مع التطور الراهن ولصالح الاستفتاء بنعم لمسودة الدستور العراقي الدائم
[...]

أطراف سنية رافضة

لكن قوى سنية أخرى سارعت الى تأكيد مواقفها السابقة الرافضة للمسودة بغض النظر عن التعديلات التي اعتبرتها هيئة علماء المسلمين ومجلس الحوار الوطني والقوى المنضوية تحت لوائهما تعديلات «غير جذرية ولا معنى لإجرائها»، ورأت في موقف الحزب الإسلامي والقوى المرتبطة به «خروجاً عن الاجماع الذي اتفقت عليه القوى السياسية والدينية التي اجتمعت في جامع ام القرى في وقت سابق ونقضاً للميثاق والعهد المبرم بين هذه القوى والقاضي برفض مسودة الدستور جملة وتفصيلاً» ا

وقال عصام الراوي عضو مجلس شورى هيئة علماء المسلمين لـ»الحياة» ان «لا تغيير جوهرياً طرأ على مسودة الدستور»، وأوضح ان تشكيل هيئة عليا لمراجعة الدستور وإجراء تعديلات عليه بعد مرور أربعة اشهر على تشكيل الجمعية الوطنية تعديل لا معنى له باعتباره مشروطاً بنتائج استفتاء شعبي وموافقة ثلثي عدد الناخبين المسجلين في ثلاث محافظات. ولفت الراوي الى ان القوى السياسية والدينية التي ضمها مؤتمر ام القرى الأسبوع الماضي في بغداد اتفقت بالاجماع على رفض الدستور اما بالمقاطعة او بالتصويت بـ»لا» ا

وأكد صالح المطلك، الناطق الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني العراقي لـ»الحياة»، ان موقف الحزب الإسلامي الداعم للمسودة لا يؤثر كثيراً في عدد الاصوات الرافضة. وأوضح ان مجلس الحوار واعضاء لجنة المغيّبين عن الانتخابات لن تخرج على مقرّرات مؤتمر جامع ام القرى الرافض للمسودة. ولفت الى ان ربط تعديل الدستور مستقبلا بـ»فيتو» يمكن ان يشهره ثلثا عدد الناخبين في ثلاث محافظات يجعل التعديل «شبه مستحيل». وزاد ان الأكراد يملكون ميليشيا تتيح لهم تعبئة اكثر من ثلاث محافظات خلال ساعات قليلة ما يعني ان عملية التغيير ستظل مرتبطة بالمواقف الكردية سلباً او إيجاباً

ولا يقتصر تباين المواقف من مسودة الدستور على الشارع السني، فهناك قوى شيعية رفضتها هي الاخرى وأعلنت مقاطعة الاستفتاء مثل المؤتمر التأسيسي العراقي بزعامة الشيخ جواد الخالصي. وقال الشيخ علي الجبوري الناطق الرسمي باسم المؤتمر «اننا مقاطعون للعملية الدستورية منذ البداية كونها عملية غير شرعية جرت في ظل الاحتلال» ا
[...]


Monday, March 14, 2005

حول وطنية الأرضية المقترحة للدستور الجديد

بيان القوى الوطنية المناهضة للاحتلال ـ وتضمّ الثيار الصدري ـ بعد اجتماعها تحت لواء هيئة علماء المسلمين


2005-02-15 جامع أم القرى

اجتمعت القوى الوطنية العراقية المناهضة الاحتلال في جامع أم القرى بتاريخ 15-02-2005 لمناقشة المرحلة الراهنة واستحقاقاتها على كل الصعد ونظر المجتمعون في المقترحات التي ترمي إلى إعادة استقلال العراق ووحدته وسيادته كاملة، وتعلن القوى المجتمعة أن تعاملها مع المصالحة الوطنية التي بادرت هي بالدعوة إليها منذ بداية الاحتلال وصياغة الدستور على الأسس الآتية

1

جدولة واضحة ومحددة ومعلنة وملتزم بها وفق ضمانات دولية لانسحاب قوات الاحتلال من العراق بجميع مظاهرها وأشكالها

2

إلغاء مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية والإثنية، واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون

3

إقرار مبدأ حق الشعب العراقي في رفض الاحتلال والاعتراف بالمقاومة العراقية وحقها المشروع في الدفاع عن بلدها ومقدراته ورفض الإرهاب الذي يستهدف العراقيين الأبرياء والمنشآت والمؤسسات ذات النفع العام واستهداف دور العبادة من مساجد وحسينيات وكنائس وجميع الأماكن المقدسة

4

بما أن الانتخابات التي أجريت ناقصة الشرعية لقيامها على قانون إدارة الدولة المرفوض ولعدم استنادها على الأُطر القانونية والأمنية والمقاطعة الشعبية الواسعة لها والتزوير الحاصل فيها؛ لا يحق للإدارة الناشئة عنها إبرام أي اتفاقية أو معاهدة من شأنها المساس بسيادة العراق ووحدته أرضاً وشعباً واقتصاداً والحفاظ على ثرواته

5

اعتماد الديمقراطية والانتخاب كخيار وحيد لتداول السلطة سلمياً والعمل على تهيئة الأجواء والقوانين التي من شأنها إجراء العملية السياسية في أجواء نزيهة وشفافة وبإشراف دولي ومحايد

6

التأكيد على هوية العراق الوطنية والعربية والإسلامية والوقوف بحزم بوجه كل الدعوات التي من شأنها أن تفقده هذه الهوية

7

إطلاق سراح جميع المعتقلين والمحتجزين في سجون الاحتلال والحكومة المؤقتة، ولاسيما النساء وإيقاف عمليات الدهم المستمرة وانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العراق والمطالبة بتعمير المدن العراقية المخربة وتعويض أهلها تعويضاً عادلاً ومنصفاً

وتدعو القوى المجتمعة القوى الوطنية الأخرى التي تتفق معها على هذه الأسس إلى المشاركة في التوقيع على هذا البيان خدمةً لقضيتنا الوطنية وحرصاً على جمع كل القوى الوطنية في العراق وتوحيد موقفها


القوى الوطنية المناهضة للاحتلال

ـ6/محرم/1426هـ 15/2/2005م


التعليق بالإنجليزي هنا، ويأتي التعليق بالعربي لاحقاً


Saturday, January 08, 2005

السيناريو السابع

النموذج الدستوري اللبناني للعراق


استنادا الى ما كتب السيد عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى القاهرة، يبدو أن الاصوات العربية التي ارتفعت أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق ( 23ـ24 نوفنبر 2004 ) لم تتعاطف مع الديمقراطية في العراق بقدر ما كانت تريد منع العراق من التحول إلى نظام يؤدي إلى طغيان الأغلبية ـ الشيعية هذه المرة ـ على طائفة السنة. ويبدو كذلك أنه عندما سئل الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، عما إذا كان يقترح ضرورة أن يتضمن النظام العراقي الجديد مجلسا يقوم على المساواة بين الطوائف المختلفة فى العراق، كانت إجابته بنعم. ولم يبالغ الباحث المصري أبدا فى تعليقه عن ضخامة الحدث حيث يقول

وعندما يكتب تاريخ هذه المرحلة ربما سوف يؤرخ لمؤتمر شرم الشيخ أنه المؤتمر الذي تم فيه الاعتراف الرسمي بالطوائف والأقليات في العالم العربي، فلم يحدث فيما أعلم أن تحدث أمين عام لجامعة الدول العربية عن حقوق طوائف بعينها. وللحق، فإن ما قال به السيد عمرو موسى لم يكن بعيدا عن النظرية الديمقراطية التي أثبتت مرونتها عند التعامل في ظروف اجتماعية وسياسية وتاريخية مختلفة. وهناك مدرسة كاملة في العلوم السياسية عن نوعية معينة من النظم الديمقراطية المسماة
Consociational Democracy
أو ديمقراطية المشاركة الاجتماعية ـ إذا جازت الترجمة ـ وهي تسود في المجتمعات المُركّبة طائفيا مثل هولندا وبلجيكا وماليزيا ولبنان وجنوب أفريقيا، حيث يتم توزيع السلطة ليس فقط على أساس صوت واحد لكل مواطن واحد، أو من خلال أثقال مناطقية خاصة بالمناطق الجغرافية في النظم الفيدرالية، وإنما من خلال إعطاء حقوق خاصة بالطوائف المختلفة

ويعتبر مدير مركز الدراسات أن ما اقترحه الامين العام للجامعة العرية يجوز أن يكون حلا مناسبا للحالة العراقية ومخرجا للعرب السنة في التعامل مع الأوضاع الجديدة ذات الأغلبية الشيعية. كما يؤكد عن أهمية المعالجة النظرية الجديدة فى حدّ ذاتها، فيقول

ورغم المعضلات والصعوبات، فإن الاقتراح يظل معبرا عن نقلة كيفية في الفكر السياسي العربي الذي ظل دائما يشيد بالدولة المركزية الاندماجية الانصهارية في السبائك العربية، ويستهجن دوما النموذج اللبناني التوافقي الذي يسبب ضعف الدول وهشاشتها ويجعلها قابلة للاختراق. وربما لو طرح فى السابق أن النموذج اللبناني فى الدولة ـ وليس فى الحرب الأهلية ـ سوف يصير هو نموذج الدولة العربية لاتهم القائل بالجنون. ومع ذلك فإن أحوال الدنيا تتغير، وربما كان من الأفضل بالنسبة للجامعة العربية، ومؤسسات الفكر العربي المتناثرة من المحيط إلى الخليج، ومراكز البحوث السياسية والاجتماعية، أن تبدأ في مناقشة هذه الفكرة الخاصة بديمقراطية التوافق أو المشاركة الاجتماعية

وربما أن أهم من ذلك هو التطور الذي حصل من داخل المعهد المصري بالذات، إذا اعتبرنا الآراء والرؤى التى عبََّر عنها سابقا. و حقّاً، ليس هذا "الجنون" الثقافي من معتادات المعهد ولا من مفضَّلات السيناريوهات العراقية الستة التي سبق أن تقدّم بها إلينا: السيناريو الأول، أو‏ "لبننة العراق‏"‏ وهي حالة تعود بالعراق إلي ما كانت إليه الحالة اللبنانية ما بين منتصف السبعينيات وبداية التسعينيات‏،‏ حينما تصارعت الطوائف اللبنانية المختلفة مع بعضها البعض؛‏ السيناريو الثاني، وهو امتداد للسيناريو الأول حينما تتكسر وحدة العراق تماما بين ثلاث دول على الأقل‏، واحدة شيعية في الجنوب‏، وواحدة كردية في الشمال‏، وواحدة سنية في الوسط‏، وكل منها بولاءاته الخارجية؛ السيناريو الثالث، وهو لا يعني كثيرا بشكل الدولة العراقية‏ بقدر ما يعني بحالة العراق التي سوف تكون من السوء بحيث تقع الدول العراقية تحت الهيمنة الأجنبية الكاملة سواء كانت هذه الهيمنة أمريكية‏، أو إيرانية؛ السيناريو الرابع، ويفترض أن الحركات الإسلاموية الأصولية سوف تنجح في توحيد صفوفها‏ وتخلق دولة دينية إسلاموية علي النمط الأفغاني الطاليباني‏؛ السيناريو الخامس‏، ويقوم علي الفشل الكامل لكل السيناريوهات السابقة‏، والسيادة لفترة طويلة لحالة ضاربة من الفوضي وغياب الأمن والرعب والتهديد للمصالح الاجتماعية والاقتصادية المختلفة‏، فتقوم رغبة شعبية عراقية عارمة في العودة إلى عهد صدام حسين من خلال ديكتاتور عنيف آخر‏؛ السيناريو الأخير، وعلى أساسه يبني مركز الدراسات توصيته لصانعي القرار المصريين، "خاصة أنه يوجد لدى مصر أرصدة ضخمة تجعل لهذا السيناريو فرصة معقولة علي أرض الواقع". هذا السيناريو السادس يقوم على‏

تطوير الأوضاع الحالية حتي تصل العراق إلي بر الأمان‏،‏ فيتحقق الاستقرار في العراق‏، وتنجح السلطة العراقية الانتقالية في التحول إلي سلطة دائمة قبل نهاية عام2005
من خلال إجراءات دستورية وقانونية وديموقراطية معروفة‏،‏ يعقبه انسحاب كامل للقوات الأمريكية والأجنبية من العراق‏.‏ هذا السيناريو ربما يكون اكثر السيناريوهات منطقية‏،‏ إلا أنه مع ذلك يلاقي تحديات كبيرة ليس فقط من أنصار السيناريوهات الأخري‏، وإنما أيضا لأن النخبة العربية لا يزال لديها مشكلة رئيسية أولا مع شرعية هذا السيناريو‏،‏ وثانيا مع إمكانيات تحقيقه حيث استقر الرأي علي ان الولايات المتحدة وحلفاءها جاءوا إلي العراق بلا نية للخروج منه مرة ثانية‏‏


وفعلا، هناك أكثر من مشكلة وأكثر من باعث لرفض هذه السيناريوهات بما فيها ما هو مبني على الإنتخابات المخططة للتلاثين من هذا الشهر. كما أن هناك أيضا أكثر من فائدة ـ إستراتيجيةٍ سياسيةٍ، عمليةٍ إداريةٍ ونظريةٍ فلسفيةٍ ـ للتوصية بالسيناريو السابع، الغائب من اللائحة أعلاه، والذى يمهِّد للنموذج الدستوري اللبناني

أولا، الأمر يتعلَّق بالحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية وإستقرار المنطقة، كما هو يتعلق بخلق جبهة موحدة سياسياً وعسكرياً في وجه المحتِل ويتعلق كذلك بتفادي كل المحاولات الطائفية الأنانية؛ استبدادية أو إنعزالية أو إنفصالية كانت. ولهذا فهدف "الكوتا" هنا هو التمثيل التوازني50/50 وليس التمثيل النسبي 60/40 للطرفين المعنيين بالدرجة الأولى، الجماعة الشيعية والجماعة السنية في مجموع البلد. وأعتقد أنَّه لا ضمان هناك لخروج قوى الإحتلال ولا هو مأمون رجوع السلم الداخلي ولا هي قادمة شرعية السلطة في غياب تحالف ممثلي العقائد في العراق، وفي غياب البرنامج السياسي الذي يخاطب ويقنع الجماعتين العقائديتين. إنَّ الإفساح علنياً عن النوايا بخصوص حجم السلطة التي ترغب فيها كل جماعة لنفسها ولباقي الجماعات لمسألة حياة أو موت

ثانيا، الواقع التاريخي السكاني والمدني والإقتصادي يقف ضدّ الحلول الفيدرالية التقسيمية الجغرافية. إن درجة اختلاط السكان والمصالح هنا عالية جدّاً. مثلاً: أهل السنَّّة و الشيعة يتقاسمان معاً بغداد بالإضافة الى مليونٍ كوردي؛ هناك مليون سنِّي في الجنوب الشيعي؛ وعدد كبير من الأقاليم هو ممزوج التركيب؛ أضف إلى ذلك كل الزواجات المختلطة. بحيث أن أي شكل من أشكال التقسيم يتطلَّب نوعا ما من التطهير العرقي أو العقائدي وبحيث أن كل تقسيم للموارد والثروات الطبيعية، المركَّزة في الشمال (كركوك) أو في الجنوب (رومَيلة وباقي الحقول النفطية)، سوف يعوق استغلالها جماعياً ويفرض نوعا ما من التفقير والبؤس الإجتماعي ـ لنلاحظ هنا أن في إشكالية الخليط العراقي ما يذكِّر بإشكالية المخلوط الفلسطيني الإسرائلي؛ مسألة اللّاجئين، مسألة المستوطنين اليهود، مسألة القدس، الى آخره. فهنا تظهر واضحةً فائدة النموذج المؤسساتي اللبناني خاصةً وميزة التشريع التعددي الثقافي وميزة النظم الجماعاتية والفيدرالية المِللية و"الكونسوسييشن"عامةً. هذا لمَّا نحن نقارن هذه الفائدة بعيوب النظم الفيدرالية المناطقية و تقسيماتها الجغرافية المُتخشِّبة. فنموذجنا يرسم حدوده، لا على مستوى المناظر الطبيعية، بل على مستوى التشريعات، فاصلاً بين الحقوق الخاصة الجماعاتية والحقوق العامة المدنية. وأظن شخصيا أن ظروف العراق، وهي أبسط نسبيا من ظروف فلسطين، تجعل تنظير المرحوم إدوارد سعيد في الدولة الواحدة المزدوجة القومية والعقيدة أسهل في التطبيق. وفي كل حال من الأحوال فنموذجنا هذا يخلق نظاماً مِلَلياً من تراث المنطقة منسجما تماما مع التقاليد المحلية حيث يحمي الجماعات على اختلاف عقائدها وإثنياتها من دون التدخل في شؤونها الخاصة (نظاماً متسامحاً أيضاً يترك المجال حتّى للجماعات العلمانية في حقِّ التمثيل والتشريع الذاتي على أساس الإحترام المتبادل)؛ نظاما بالتأكيد يختلف عن واقع النموذج الفيدرالي الأمريكي بتوزيعاته الجغرافية ومركزيته الدَّوْلية، كما يختلف عن تاريخ الولايات المتحدة اللبرالي ومركزيته الفردوية

و لنقول ختاماً أنَّ فائدة النموذج الدستوري اللبناني بتوازنياته تتمثل في تفوقه، ليس فقط على النموذج الوحدوي التجانسي الطغياني (ولا يهم إذ يكن هذا شيعيا أو علمانيا)، بل حتَّى علىالنموذج التوزيعي التلاثي (وهذا هو لبرالي في عمقه). إنَّ التقسيم التلاثي يخلط المستويات ـ جغرافية، إثنية، عقائدية ـ ويُعادل ما هو يختلف جداًّ. وأكثر من ذلك، إنَّه يُفَنِّد الموارد والثروات العقائدية في المعطيات الإثنية ويغلق الكل في الصناديق الجغرافية. كما هو يعبّر، من جهة أخرى، عن الفهم اللبرالي البسيط للتعدّدية الثقافية. حيث أنَّه لا يملك هدفاً حقيقياً، فلا يحاول اعطاء مدلولٍ أو معنى أو مغزى معينٍ. وحيث أنه لايهدف الإستقطاب الفكري وتجادل الثقافات، بل يشجِّع على الإنطواء ويكتفي بالندارة والطرافة عوضاً عن التورُّط المشترك والإلتزام المتبادل والإشتباك الإيجابي والصراع السلمي. إنَّ هذا التلاثي الشنيع الذكر يفتح المجال للإنعزال والإنفصال بنسف الأرض المشتركة وبإلغاء فَسحة اللقاء؛ بتدمير مُعتركٍ ثمينٍ وميدانٍ نفيسٍ من وجهة نظر الإبتكار والتجديد و"التحديث"ا

هذا بالطبع لا يعني أنَّني أدافع عن التَّزمُّت والإنغلاق الجماعاتي الطائفي أو القبلي أو العشائري الى غير ذلك. الجماعات ليست هنا إلاّ الشكل والمُعطى تاريخياً أمّا هدف الرؤية التي أعبِّر عنها ومضمونها فهو صِراعيٌّ مُجادليٌٌّّ تفوُّقيٌّ؛ هدفها تغيير مجرى الحرب الأهلية في اتجاه المسابقة في الوطنية، وتحويل التحدّي القتالي الى المنافسة الثقافية ـ وقناعتي هنا أنَّ المنافسة العقائدية في حدِّ ذاتها وفي محاولتها لكسب أوسع جمهور عراقي تعاكس بنفسها نزعاتها التشتيتية الطائفية. إنَّ نموذج التعايش المقترَح هنا، بوضعه حدوداً أدنى لِما هو لائق ومحترم على مستوى المواطن وبوضعه كذلك معايير الإلتزامات والواجبات والترقّبات في علاقات الجماعات، بوسعه أن يخلق ضغوطًا من الداخل والخارج على الجماعات العراقية في اتجاه التفوُّق على ذاتها وفي اتجاه ديناميك"التحديث"ا

(محمد بن جلون)

Monday, May 26, 2003

الطائفية "العلمانية" تهدّد بحرب أهلية في العراق


ويتبنّى "بيان شيعة العراق" في صياغته الجديدة الفيدرالية"المكية"عِوضاً عن الفيدرالية المِلَلية ويختار الطراز الغربي عِوضاً عن الطراز الشرق الأوسطي



ـــ وربما قد توفق كنعان مكية فى بيع مشروعه الفيدرالي لهم، حيث أنَّ مشروعه يُقسِّم البلد على أساس الأقاليم وليس على أساس الجماعات كالإثنيات والمِلَل والطوائف والمذاهب. ومفهوم مكية عن الفيدرالية الإقليمية هو من الموضيل الأمريكي والألماني، مِمّا سهَّل قبول مشروعه من قِبل الإدارة الأمريكية. وهنا بالظبط تقبع النّزعة الطائفية عند شيعة العراق بالدرجة الأولى. ولا يكفي في نظري أنَّ العديد منهم يحُثّ على الوحدة بين الشيعة والسنة، وينادي بحماية حقوق الأقليات، بما فيهم حقوق الأكراد. فإنهم مُطالَبون فى رأيي بموقف أدق بقدر أعلى من ذلك بكثير من شأن الحقوق الجماعية، بما فيها حقوق الحكم الذّاتي عل مستوى الهوية المحلية وحقوق التمثيل الخاص على مستوى المؤسسات المركزية الوطنية، إنْهم يرغبون حقّاً أن يزيد العراقيون من تصديقم. إنهم مُطالَبون بذلك أيضا إن أرادوا تفادي رَدِّ الضربة عليهم من طائفيةٍ مضادة أخطر وإن شاءوا تفادي أصولية "المِلَّة" السيكولارية

(محمد بن جلون)


النص الكامل